ما معنى كلمة )آية( في القرآن الكريم

Transkript

1 ما معنى كلمة )آية( في القرآن الكريم سبق أن عرضنا تفسري اآلية السابعة من سورة آل عمران من تفسري املنار وهي اآلية التي ت تخذ مستندا عىل انقسام آيات القرآن إىل محكم ومتشابه ونقلنا قول الشيخ رشيد عام قيل يف تفسري هذه اآلية إنه ليس فيه ما يروي الغليل وإن أحسنه كالم األستاذ اإلمام محمد عبده. ) ( د/ أحمد محمد عرفة وقد حاول األستاذ اإلمام أن ي قص ر المتشابه على العبارات التي تتكلم عن صفات اهلل والروح واليوم اآلخر مما ينبغي القول فيه إنه جاء على سبيل التقريب إلى األفهام وإنه قد جاء على أسلوب المجاز ال الحقيقة. وقد انتبه العلماء إلى أن مشروعية التفسير الباطني تتأسس على مجموع أمرين األول منهما القول بأن كلمة التأويل تعني التفسير أو التفسير على خالف الظاهر وأن قوله ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ )آل عمران: 7 ( ي حتم ل الوقف بعده فيكون اهلل وحده هو الذي يعلم تأويل المتشابه واألمر الثاني أن المتشابه غير متميز عن المحكم تمييزا مجمعا عليه أو على األقل تمييزا يستند إلى دليل من الكتاب العزيز. وانتبهوا إلى أنه ينبغي إعادة النظر في هذين األمرين لسد الباب أمام كل التفاسير الباطنية التي يزعم أصحابها أن اهلل قد ألهمهم ما يقولونه من تفسير ويزعم كل واحد منهم أنه ينبغي علينا أن نقبل تفسيره دون نقاش وال تساؤل وفي ذلك ما فيه من خطر على القرآن الكريم فهو طريق لتحريف ما تضمنه من المعاني واألحكام والوعود. وقد عرضنا الجهد الذي قام به الشيخ محمد رشيد رضا الستنباط معنى كلمة )التأويل( من خالل السياقات التي وردت فيها في القرآن الكريم وتبين لنا أن تأويل القرآن ليس معناه التفسير وال التفسير على خالف الظاهر وإنما هو عاقبة ومآل ما فيه من وعد ووعيد. وعاقبة اإليمان أو الكفر أمر مستقبلي محل ه اآلخرة من جنة أو نار وال يعلم أحد من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار إال اهلل الذي وسع كل شيء علما. ومما يشهد ألن هذا هو معنى التأويل قول ه تعالى- في الحديث عمن ال يؤمنون بالقرآن: ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ )األعراف: 53 ( فالتأويل هنا هو تحقق الوعد اإللهي بتنعيم أهل اإليمان والعمل الصالح وتعذيب أهل الكفر والعمل الطالح وبهذا الفهم لمعنى التأويل ينسد باب التفسير أمام التفاسير الباطنية سدا نسبيا إلى أن يثبت عدم انقسام آيات القرآن إلى محكم ومتشابه. ) ( سكرتير تحرير مجلة األزهر وكاتب يعني بالداللة السياقية في النصوص الدينية. 1578

2 ما معنى كلمة )آية( في القرآن الكريم وقد درسنا في مقال آخر معنى كلمة الكتاب في القرآن الكريم وتبين لنا أن كلمة الكتاب تأتي في القرآن تارة بمعنى القرآن وتارة بمعنى ك تب أهل الكتاب وتارة بمعنى المكتوب في الكتاب من واجبات ومحرمات وأن السياق هو الذي يحدد المعنى في كل مرة وتبين لنا أن كلمة الكتاب تأتي أحيانا مرتين في السياق الواحد ويراد بها في المرة األولى القرآن الكريم وفي المرة الثانية يراد بها )كتب أهل الكتاب( ومن ذلك قوله تعالى ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ )المائدة: 48 ( فالكتاب في المرة األولى مراد به القرآن وفي المرة الثانية مراد به ك تب أهل الكتاب. وقلنا إن هذا ينطبق على قوله في اآلية موضع الدرس ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ )آل عمران: 7 ( فالكتاب في المرة األولى هو القرآن وفي المرة الثانية هو كتب أهل الكتاب وآيات القرآن هن األم واألساس لكتب أهل الكتاب فال ت فهم هذه الكتب فهما صحيحا وال ي عرف الصواب فيها من الخطأ إال بمعونة القرآن الكريم الذي أنزله اهلل مصدقا لهذه الكتب على اإلجمال ومهيمنا عليها عند التفصيل. وفي المقال السابق درسنا طريقة القرآن في استخدام كلمة )م ن( لنعرف هل تعلقت في قوله: ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ )آل عمران: 7 ( بالفعل )أنزل( فتكون دالة على ابتداء الغاية أي أن ابتداء إنزال القرآن من )عند اهلل( وليس من عند غيره أو من عند الشياطين كما ادعى الكافرون أم تعلقت بما بعدها كما في قولنا )التفاح أنواع منه األخضر ومنه األصفر ومنه األحمر( فتكون )م ن( دالة على التبعيض والتنويع وتبين لنا أنها ال تدل على التنويع إال عند تكرارها وتبين لنا أنها في هذه اآلية تدل على االبتداء وال تدل على التنويع ألنها لم تتكرر في اآلية وقلنا إن كلمة )أ خ ر( في قوله ڻ ڻ )آل عمران: 7 ( تدل على أن المذكور بعدها ليس )من( آيات الكتاب المحكمات الالتي ه ن أم الكتاب ألنها لو كانت منه لحضرت كلمة )ومنه( بدال من كلمة )وأ خ ر( وقلنا إن األخر المتشابهات هي كتب أهل الكتاب التي هي كتب متشابهة مع بعضها من جهة الثبوت والمضمون وما اعتراها من تحريف في الترجمات المختلفة وقلنا إن قوله عن آيات القرآن ں ڻ ڻ )آل عمران: 7 ( معناه أنها األساس الضابط لفهم تلك الكتب فالقرآن مصد ق لهذه الكتب على وجه اإلجمال وضابط ومهيمن عليها عند التفصيل. ونريد في هذا المقال أن ندرس طريقة القرآن في استخدام كلمة )آية( ألننا نتوقع أن طريقة القرآن في استخدام هذه الكلمة يمنع منعا تاما أن توصف بعض آيات القرآن بأنها محكمة وبعض ها اآلخر بعدم اإلحكام وإذا كان األمر كما نتوقع فإن هذا يدعم ما فهمناه من أن األ خ ر المتشابهات ليست من القرآن وإنما هي كتب أخرى. إن القرآن ال يستخدم كلمة )آية( وال مثناها )آيتين/ آيتان( وال جمعها )آيات( بالمعنى االصطالحي وهو أن اآلية و ح دة من وحدات السورة كما في قولنا )سورة الفاتحة سبع آيات( وإنما يستخدم كلمة )آية( استخداما لغويا عاما بمعنى الدليل والبي نة والبرهان وهذه نماذج من القرآن تبين هذا االستخدام: النموذج األول: قوله -تعالى-: ې ې ې ى ى ي ا ي ا ي ە ي ە ي وي و ي ۇ ي ۇ ي ۆ ي ۆي ۈ ي ۈ ي ې ي ې ي ې ي ى )البقرة: 145 ( فليس المعنى ولئن أتيت أهل الكتاب بكل آية من آيات القرآن بالمعنى االصطالحي لكلمة آية وإنما المعنى ولئن أتيت magazine.azhar.eg 1579

3 الذين أوتوا الكتاب بكل دليل صحيح وبرهان ساطع على أن اهلل أمرك باتخاذ المسجد الحرام قبلة ما تبعوا ق بلتك. النموذج الثاني: قوله -تعالى- عن بني إسرائيل في فترة من تاريخهم من بعد موسى -عليه السالم-: ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ي ا ي ا ي ە ي ە ي و ي و ي ۇ ي ۇ ي ۆ ي ۈ ي ۈ ي ې ي ې ي ې ي ى ي ى ي ى )البقرة: 248 ( وقوله: ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې إلى آخره معناه: إن الدليل الذي تعرفون به أن طالوت هو الرجل الذي اختاره اهلل ليكون م ل كا عليكم أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله المالئكة ذلك أن اآلية السابقة تخبر أن النبي قال لهم: ک ک ک گ گ گ گ )البقرة: 247 ( فاستبعدوا ذلك ولم يصدقوه. النموذج الثالث: هو استخدام كلمة )آية( في الحديث عن زكريا حين بشرته المالئكة بيحيى وذلك في قوله: ژ ڑ ڑ ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ )آل عمران: 41 ( وفي قوله: ے ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ )مريم: 10 (. فمعنى آية في هذين الموضعين البرهان والدليل واآلية هنا هي عجز زكريا -عليه السالم- عن الكالم مدة ثالثة أيام بلياليها وقد احتاج زكريا إلى آية وكانت هذه اآلية هي أنسب آية له حين بشر ته المالئكة بولد من صلبه تلده امرأته رغم أنها كانت عاقرا وكان هو قد بلغ من الكبر عتيا فظن زكريا -عليه السالم- أنه قد توه م هذه البشارة أو تخي لها بسبب شدة تطل عه إليها فطلب آية من اهلل تعالى- كي يطمئن إلى أنه لم يتوهم ولم يتخيل وحينئذ يتجرأ ويخبر زوجته وقومه بما بشرته به المالئكة وكانت اآلية التي منحه اهلل إياها ليطمئن إلى أنه لم يتوهم ولم يتخيل أنه لن يتمكن من الكالم مدة ثالثة أيام يعود بعدها إلى حالته الطبيعية. وال شك أن زكريا -عليه السالم- قد حاول في تلك األيام مرات عديدة أن ينطق ولو كلمة واحدة ولكنه لم يتمكن وكان بعد العجز في كل محاولة يتأكد أنه لم يتوهم ويتحصل لديه يقين بأنه بالفعل قد سمع هذه البشارة من المالئكة وأن امرأته فعال سوف تلد له ولدا يرثه ويقوم بواجب الدعوة من بعده. النموذج الرابع: قوله تعالى-: ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ )هود: 64 ( وقد عب ر عن نفس المعنى في موضع آخر مستخدما كلمة )بي نة( بدال من كلمة )آية( وذلك في قوله: ڭ ۇ ۇ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ي ا ي ا ي ە ي ە ي و ي و ي ۇ ي ۇ ي ۆ ي ۆ ي ۈ ي ۈ ي ې ي ې ي ې ي ى ي ى ي ى ی )األعراف: 73 (. فاآلية هنا هي البي نة وهي الدليل وهي البرهان وهي الناقة التي سوف يأخذهم العذاب إذا مس وها بسوء. وقد أي د اهلل رسله السابقين بآيات حسية وامتنع عن تأييد محمد -عليه السالم- بغير القرآن وهو آية عقلية قال تعالى-: ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ )اإلسراء: 59 (. النموذج الخامس: قوله تعالى- في خطاب المؤمنين: ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې )البقرة: 151 ( وقوله: ۅ ۅ ۉ 1580

4 ما معنى كلمة )آية( في القرآن الكريم ۉ ې ې ې ې ى ى )البقرة: 252 ( فاآليات في هذين الموضعين هي األدلة القاطعة التي تتضمنها كل قطعة نصية أنزلت على الرسول ﷺ في شوط من أشواط النزول فكل شوط من أشواط النزول يتضمن دليال وبرهانا وبي نة على أن محمدا ﷺ مرسل من ربه وأنه صادق في دعواه أن القرآن من عند اهلل. ولم ترد كلمة آية في القرآن بمعنى القطعة النصية من القرآن أو الوحدة من وحدات السورة وإنما ترد فيه بهذا المعنى اللغوي العام وهو أنها بمعنى الدليل أو البرهان أو البي نة. وال شك أن النص اللغوي حين يسمى آية فإن المسمى ليس هو المفردات والج مل وإنما هو المعنى الذي تدل عليه هذه المفردات والجمل. وإذا رجعنا إلى واحد من مصاحفنا التي تعتمد قراءة ح ف ص عن عاصم لوجدنا العبارة التالية في التعريف بعدد آياته:»وات ب عت في عد آياته طريقة الكوفيين... وآي القرآن على طريقتهم 6236 آية«وإذا رجعنا إلى مصحف من مصاحفنا التي تعتمد قراءة ورش عن نافع لوجدنا اآلتي في التعريف بعدد آياته:»وات ب عت في عد آياته طريقة عدد المدني األخير... وعدد آي القرآن على طريقته 6214«وال يعني هذا أن المصحف المطبوع وفقا لقراءة ورش ينقص نصوصا يكو ن مجموع ها 22 آية فمصحف ورش ال ينقص جملة واحدة عن مصحف حفص وإنما االختالف في عد اآليات مع أن النص القرآني واحد. وتقطيع السورة إلى وحدات وإطالق اسم آية على كل وحدة منها ووضع رقم في آخرها يميزها عن غيرها تم رعاية لمواضع الوقف في كل قراءة ومواضع الوقف تختلف من قراءة إلى أخرى واالختالف في عد اآليات من طريقة تنسب إلى الكوفيين في قراءة حفص عن عاصم إلى طريقة )1( انظر: مجمع اللغة العربية: المعجم الوسيط: 35. 1/ تنسب إلى )المدني األخير( في قراءة ورش عن نافع دليل على أن األمر قد تم باجتهاد متأخر عن زمن النزول. ووصف طريقة العد التي اعت مدت في مصحف ورش عن نافع ب)المدني األخير( يشير إلى طريقة عد سابقة قيل لها )المدني األول( وإذا كان هذا العد اجتهادا منسوبا إلى مجتهدين فإنه ال يجوز أن نفرض هذا العد وما نتج عنه من تسمية تلك القطعة المعدودة باسم آية على استخدام القرآن الكريم لكلمة آية وجمعها آيات أي إنه ال يصح القول بأن كلمة )آية( في القرآن معناها القطعة من السورة ألن هذا هو المعنى الناشئ على سبيل االصطالح عند علماء القراءات أما المعنى اللغوي الوارد في القرآن الكريم فهو أن اآلية تعني الدليل والبي نة والبرهان مع تسليمنا بأن كل قطعة نصية من القرآن الكريم تناقش موضوعا معينا أيا كان ذلك الموضوع هي آية على أن القرآن تنزيل من حكيم حميد. والقرآن كله آية كل ي ة للنبي ﷺ وفيه آيات فرعية عديدة فكالمه مثال عن المطر ومراحل تكو نه وأنواعه آية على صدقه ﷺ وحديث القرآن عن مراحل تكو ن الجنين اإلنساني آية على أن القرآن كالم اهلل وسرد القرآن ألخبار الرسل السابقين آية ووصفه للقيامة آية وكل شوط من كالمه في أي موضوع آية ومجموع كالمه في أي موضوع آية. واستخدام كلمة )آية( في القرآن الكريم بمعنى البي نة أو الدليل أو البرهان وليس بمعنى القطعة النصية من السورة استخدام متوافق مع األصل الذي تدور حوله مادة الهمزة والياء والياء وهو اللزوم من ذلك أي ا بالمكان: مك ث فيه وإيا الشمس : ضوء ها واآلية العالمة )1(. والمكث بالمكان لزوم له وقيل لضوء الشمس إيا ألنه يالزم الشمس وقيل للبرهان والدليل آية ألنه يدل على شيء ما magazine.azhar.eg 1581

5 داللة تلزم العاقل الذي يحترم الحقيقة وقيل لما يؤيد اهلل به رسله مما ال يقدر عليه اإلنس والجن آية ألنه يلزم منه تأكيد صلتهم باهلل وأنهم مرسلون منه سواء أكانت تلك اآلية آية حسية كعصا موسى أو كانت آية عقلية كالقرآن الكريم. في ضوء ما سبق نعود إلى اآلية موضع الدرس وهي قوله تعالى-: ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ە ە ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ے ے ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى )آل عمران: 7 ( لنطرح هذا السؤال: هل يدل هذا النص على أن بعض آيات القرآن محكمة وبعضها اآلخر غير محكم ونقول في الجواب: لما كانت كلمة )آية( لم ترد أصال فى القرآن بمعنى القطعة من السورة فإنه ال يمكن أن نقول إن هذا النص أو غيره من نصوص القرآن يدل على انقسام آيات القرآن إلى محكم وغير محكم ألن هذا التقسيم ال ينبني إال على هذا المعنى االصطالحي. ولو فرضنا جدال أن كلمة )آية( وردت في القرآن بمعنى القطعة من السورة فإنه ال يمكن أن نقول إن بعض آيات القرآن محكم وبعض ه اآلخر غير محكم ألن كل آية من آيات القرآن إذا كانت غير م ستحقة ألن توصف بأنها )م حكمة( لما استحقت أن تسمى )آية( ألن اآلية هي الدليل والبي نة والبرهان وال يكون شيء دليال صحيحا وال بي نة واضحة وال برهانا ساطعا إال إذا كان مناسبا لتحصيل اليقين عند من ت ق د م له اآلية أو يخاطب بها وإذا كانت اآلية مناسبة لذلك كانت م حك مة ألن إحكام الشيء مناسبته لما جعل له. وإذا لم تكن م حك مة لم تكن آية. ومجمل القول أن كلمة )آية( في استخدام القرآن الكريم ليس معناها الوحدة أو القطعة من السورة وإنما تعني الدليل أو البي نة أو البرهان وأن القرآن كله آية كلية على صدق نبينا محمد ﷺ في دعوى الرسالة وأن كل شوط من أشواط التنزيل الحكيم دليل على أنه كالم اهلل )2( سواء كان موضوع الحديث فيها عن الكون وما فيه أو عن قصص الرسل السابقين أو عن اهلل -تعالى- أو عن شعائر العبادة أو عن المعامالت المختلفة أو عن اليوم اآلخر أو غير ذلك من الموضوعات. وأن كل آية من القرآن إما أن تكون آية فتكون برهانا ودليال وبي نة من جهة مضمونها فتكون هدى للناس ويكون من شأنها أن يت بع ها الذين يحترمون الحقيقة فيؤمنون باهلل ويتوكلون عليه وال يكون منها آيات من شأنها أن تناسب الذين في قلوبهم زيغ فيتبعونها ألنها إن كانت كذلك لن تكون آية ولن تكون هدى للمتقين ولن تكون من عند اهلل. وأن )األ خ ر( المتشابهات هي كتب أهل الكتاب وهي متشابهة في كونها كتب أ نزلت على رسل بني إسرائيل وأنها ت رجمت مرة بعد مرة وأنها قد اعتراها من التحريف ما اعتراها بسبب الترجمة أو غيرها وأصابها من تشوش الداللة ما أصابها وأن من يتبع هذه الكتب م عرضا عن القرآن الذي آياته هن )أم الكتاب( ال يكون إال زائغا قلبه. )2( هذا التحديد لمعنى كلمة )آية( في القرآن سوف تكون له فائدة كبيرة في تحسين فهمنا لعدد من اآليات منها قوله: ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ )البقرة: 106 ( وقوله: ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ي اي ا ي ە ي ە ي و )النحل: 101 ( وقوله: ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ںڻ ڻ ڻ ڻ )الحج: 52 ( ولعلنا نخصص مقاال لدراسة هذه اآليات-إن شاء اهلل